|

ومضات قرآنية

مقال للدكتور صباح السامرائي

ثاني اثنين
لماذا لم يقل احد اثنين

قال تعالى:
إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ

يذكر المفسرون أن معنى قوله تعالى ثاني اثنين وقوله ثالث ثلاثة بأنها احد اثنين واحد ثلاثة

ابتداء فالمقصود بالضمير في (تنصروه ، نصره ، اخرجه) يعود للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم فتأتي كلمة ثاني للاشارة اليه عليه الصلاة والسلام اي اذ هو ثاني اثنين

ولكن لماذا قال تعالى
ثاني اثنين ولم يقل احد اثنين
ولو كان المعنيان متطابقين فلم العدول الى الأقلّ وضوحاً في الدلالة عن الاوضح فقولنا احد اثنين بهذا المعنى اوضح من ثاني اثنين بدليل تفسيرنا وتوضيحنا لثاني اثنين بأحد اثنين ومن البداهة ان يوضَّحَ القول بما هو ابين منه دلالة

هذا حين نتصور ان المعنيين متطابقان وفي الحقيقة ان لا تطابق
فقولنا (احد اثنين) يشير الى الجزئية اي ان هذا الواحد هو جزء من جزئين
و(أحد ثلاثة) هو احد الأشياء التي مجموعها ثلاثة فيكون فيه اشارة الى الجزئية
فالواحد جزء ثم الثاني جزء ثم الثالث جزء ليتم استكمال الثلة المكونة من الثلاثة ولا ميزة هنا لواحد على الآخر فكل واحد جزء من الأجزاء التي مجموعها مكوّن للكل (الثلاثة)

اما ثاني اثنين او ثالث ثلاثة ففيها اشارة لطيفة للاتمام فثاني الواحد هو المتمم لمجموع العدد
وثاني اثنين فيه عملية تبادلية تعني ان كل واحد منهم متمم للعدد مع الآخر ولكن ثاني هنا مخصصة للنبي الكريم
فالثنائية هنا لها قداستها فالنبي الكريم بكونه ثاني الاثنين فهو المتمم وهو المكمل للاثنين والذي لا يتم الامر ولا يتم الكمال الا به حصرا
وفي ذلك ايضا من التكريم للصديق رضي الله عنه فقد جعلته الآية جزءً لكنه بلا كمال فالكمال والتمام يتأتى بالحبيب المصطفى وحسب ابي بكر ان يكون جزءً من مكون تمامه سيد البشر ولو اردنا ابا بكر بالقول لقلنا احد اثنين او احد الاثنين ولا نقول فيه ثاني اثنين لان النبي ليس جزءً من مكون ثم يتممه احد

ولو قال احد اثنين لكان معنى التساوي يُلمح منه وكأن لا ميزة لأحدهما عن الآخر فالنبي احدهما وابو بكر احدهما
ومعلوم انه لا احد من البشر كالحبيب صلى الله عليه وسلم

ومعلوم ان كون سيدنا محمد بشرا ومطالب الدعوة لا تكتمل الا بالاتباع وخير الاتباع هم صحابته الكرام وليس في الامر منقصة ان يكون مع صاحبه يكمل بعضهما البعض في متطلبات الدعوة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وانما وقفنا على ما تلمّح به الكلمة من معنى التمام والا فثاني الاثنين يكون مقابله الآخر وهو الفرد الذي صار العدد به اثنين

ونشير الى الفرق بين قوله ثاني اثنين وثاني الاثنين
ال التعريف لم تدخل في قوله ثاني الاثنين لأن الغاية افرادهما وكأنه يقول ثاني اثنين فقط وهو تكريم لأبي بكر رضي الله عنه بأنه والنبي اثنان لا ثالث لهما وكأنه يقول كانا اثنين فقط من هذا الكون في هذه المهمة والتعريف بأل لا يعطي ما يعطيه التنكير من العموم والشمول في المعنى

وتكون ثانيَ منصوبة على الحالية اي اخرجه الذين كفروا ثانيَ فتكون ثاني حال الاخراج وممكن التقدير :الا تنصروه فقد نصره الله …. فخرج ثانيَ اثنين
والله تعالى أجل وأعلم

Similar Posts